فصل: (8/42) باب استلام الركنين اليمانيين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[8/42] باب استلام الركنين اليمانيين

3161 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يُحط الخطايا حطًا» رواه أحمد والنسائي وفي إسناده عطاء بن السائب وهو ثقة لكنه اختلط ورواه الترمذي بلفظ: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن مسحهما كفارة للخطايا» ورواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مسحهما يُحط الخطايا» ورواه ابن حبان في "صحيحه" بلفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطًا»، وقال المنذري: بعد أن ساق هذه الروايات رووه كلهم عن عطاء بن السائب عن عبد الله.
3162 - وعنه قال: «لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يمس من الأركان إلا اليمانيين» رواه الجماعة إلا الترمذي.
3163 - لكن له من حديث ابن عباس بمعناه.
3164 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده عبد العزيز بن أبي روّاد قال في الكاشف ثقة مرجىء عابد، انتهى. ووثقه ابن معين وأبو حاتم وقال ابن عدي في حديثه مالا يتابع عليه قال في "التلخيص" بعد أن ذكر حديث ابن عمر متفق عليه بألفاظ ليس فيها في كل طوافه وهي عند أبي داود والنسائي بلفظ: «كان يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوافه» وللحاكم بلفظ: «كان إذا طاف بالبيت مسح أو قال استلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه» انتهى.
3165 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استلم الركن اليماني قبّله» رواه البخاري في "تاريخه".

.[8/43] باب مشروعية الطواف على اليمين من وراء الحِجْر وما جاء أن الحِجْر كله ليس من البيت

3166 - عن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا» رواه مسلم والنسائي والترمذي وصححه: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا».
3167 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحجر: أمِنَ البيت هو قال: نعم قلت: فلم لم يدخلوه في البيت، قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قالت: فما شأن بابه مرتفع قال فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض» متفق عليه، وفي رواية قال: «كنت أحب أن أدخل البيت أصلي فيه فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فأدخلني الحجر فقال لي صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي.
3168 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر» رواه مسلم، وله عنها قالت: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين، بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا، وزدت فيه ستة أذرع من الحجر فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة»، وله من حديث الحارث بن عبد الله عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن قومك اقتصروا من بنيان البيت ولولا حدْثان عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبًا من سبعة أذرع».
3169 - وعن عطاء قال: «لما احترق البيت زمن يزيد حين غزاها أهل الشام فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجريهم على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا عليَّ في الكعبة أنقضها ثم أثني بناها أو أصلح ما وَهَى منها، قال ابن عباس: فإني قد وفق لي رأي فيها أرى أن يصلح ما وهي منها وتدع بيتًا أسلم الناس عليه وأحجارًا أسلم الناس عليها، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن الزبير لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده فكيف بيت ربكم إني مستخير ربي ثلاثًا ثم عازم على أمري فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتى صعده رجل فألقى منه حجارة فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه وقال ابن الزبير إني سمعت عائشة تقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لولا أن الناس حديثو عهد بكفر وليس عندي من النفقة ما يقويني على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع ولجعلت لها بابًا يدخل منه الناس وبابًا يخرجون منه قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق ولست أخاف الناس قال: فزاد فيه خمسة أذرع من الحجر حتى أبدا أُسَّا نظر الناس إليه فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعًا فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشرة أذرع وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بذلك ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة فكتب إليه عبد الملك إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء أما ما زاد في طوله فأقره وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه» رواه مسلم.

.[8/44] باب الطهارة والستر للطواف وذكر الله تعالى في الطواف وترك اللغو

3170 - عن عائشة «أن أول ما بدا به النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت» متفق عليه.
3171 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير»رواه الترمذي وصححه ابن السكن وابن خزيمة وابن حبان وقال الترمذي: وقد روى موقوفًا وقد أطال الحافظ في "التلخيص" الكلام على هذا الحديث ونقل ما قيل في تضعيفه وردها وأورد له طرقًا منها ما أخرجه الحاكم في "المستدرك" أوائل سورة البقرة مرفوعًا من حديث ابن عباس قال: «قال الله تعالى لنبيه: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26] والطواف مثل الصلاة وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير» وصحح إسناده، قال الحافظ: وهو كما قال، فإنهم ثقات انتهى.
3172 - وللنسائي عن طاووس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطواف بالبيت صلاة فإذا طفتم فأقلوا الكلام» قال في "التلخيص": وهذه الرواية صحيحه. انتهى.
3173 - وله عن ابن عمر موقوفًا: «أقلوا من الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة» وله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قبيل الاجتهاد.
3174 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف» رواه أحمد.
3175 - وابن أبي شيبة بإسناد صحيح من حديث ابن عمر وزاد: «بعد إلا الطواف وبين الصفا والمروة» وأخرج هذه الزيادة الطبراني.
3176 - وعنها قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقال: مالك لعلكِ نُفِسْت؟ فقالت: نعم، فقال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» متفق عليه، ولمسلم في رواية: «فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسل».
3177 - وعن أبي بكر الصديق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يطُوف بالبيت عريان» متفق عليه وأخرجه أحمد قال في مجمع الزوائد: ورجاله رجال الصحيح.
3178 - وأخرجه أيضًا البخاري مرفوعًا من حديث علي.
3179 - وقال ابن حجر: متفق عليه من حديث أبي هريرة ذكره في تخريج "الكشاف".

3180 - وعن عبد الله بن السائب قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بين الركن اليماني والحجر: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» رواه أحمد وأبو داود وقال «بين الركنين» وأخرجه أيضًا النسائي وصححه ابن حبان والحاكم على شرط مسلم.
3181 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وكل به يعني الركن اليماني سبعون ملكًا، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا: آمين» رواه ابن ماجه وفي إسناده إسماعيل بن عياش وفيه مقال وفي إسناده أيضًا هشام بن عمار وهو ثقة تغير بآخره.
3182 - وعنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من طاف بالبيت سبعًا ولا يتكلم إلا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات ورفع له بها عشر درجات» رواه ابن ماجه بالإسناد الأول وقال في "التلخيص": إسناده ضعيف.
3183 - وعن عائشة قالت: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى وحده» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ولفظه: «إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى وقال حسن صحيح.
3184 - وعن محمد بن المنكدر عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من طاف بالبيت أسبوعًا لا يلغو فيه كان كعدل رقبة يعتقها» رواه الطبراني في "الكبير" قال في "مجمع الزاوئد": ورجاله ثقات.

.[8/45] باب الطواف راكبًا لعذر وما نهي عنه من الطواف برجل يقاد بخيط أو نحوه

3185 - عن أم سلمة: «أنها قدمت وهي مريضة فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» رواه الجماعة إلا الترمذي.
3186 - وعن جابر قال: «طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وبالصفا والمروة في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمِحْجن لأن يراه الناس وليشرف ويسألوه، فإن الناس غشوه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وليس لأبي داود «ويستلم الحجر بمحجن».
3187 - وعن عائشة قالت: «طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع حول الكعبة على بعير يستلم الركن كراهية أن يصرف عنه الناس» رواه مسلم.
3188 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو مشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين» رواه أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف.
3189 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن» رواه مسلم.
3190 - وعن أبي الطفيل قال: «قلت لابن عباس أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبًا، أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا قلت: وما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب، والمشي والسعي أفضل» رواه أحمد ومسلم.
3191 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه» وفي رواية: «يقود أنسانًا بخزامة في أنفه فقطعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أمره أن يقوده بيده» رواه البخاري وأخرج النسائي الرواية الثانية وله أيضًا: «مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يقود رجلًا بشيء ذكره في يده فتناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطعه» وفي أخرى له: «مرَّ بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو خيط أو بشيء غير ذلك فقطعه ثم قال: قده بيدك».

.[8/46] باب ما جاء في طواف النساء مع الرجال

3192 - عن ابن جُرَيج قال: «أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء من الطواف مع الرجال قال: كيف منعهن وقد طاف نساء رسول الله مع الرجال قال: قلت: أبعد الحجاب أو قبله قال: لقد أدركته بعد الحجاب قلت: كيف يخالطهن الرجال قال: لم يكن يخالطهن كانت عائشة تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم فقالت امرأة انطلقي نستسلم بأم المؤمنين قالت: انطلقي عنك وأنت وكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ولكنهن كن إذا دخلوا البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال، وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في حرف ثبير قلت: وما حجابها، قال: هي في قبّة تركيّة لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك، ورأيت عليها درعًا موردًا» رواه البخاري.
قوله: «حَجْرة» بفتح الحاء أي ناحية وقد تقدم حديث أم سلمة في الباب الأول عند الجماعة إلا الترمذي: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة».

.[8/47] باب ركعتي الطواف والقراءة فيهما واستلام الركن بعدهما

3193 - عن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125] فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1]، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] ثم عاد إلى الركن فاستلمه ثم خرج إلى الصفا» رواه أحمد والنسائي مرفوعًا واللفظ له، ورواه مسلم على شك في وصله وإرساله وللبخاري تعليقًا عن إسماعيل بن أمية قال: «قلت للزهري: يجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف قال السنة أفضل لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبوعًا إلا صلى ركعتين».
3194 - وفي المتفق عليه من حديث ابن عمر «أنه - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه صلى ركعتين».
3195 - ولمسلم من حديث جابر: «أنه صلى - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بعد الطواف ركعتين تلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125]».

.[8/48] باب السعي بين الصفا والمروة

3196 - عن حبيبة بنت أبي بحراة قالت: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم يسعى حتى أرى ركبته من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي» رواه أحمد والشافعي وغيره من حديث صفية بنت شيبة عن حبيبة وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف، وقد وثقه ابن حبان وقال: يخطئ.
3197 - وعن صفيّة بنت شيية: «أن امرأة أخبرتها أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة يقول: كتب عليكم السعي فاسعوا» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": في إسناده موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
3198 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو» رواه مسلم وأبو داود.
3199 - وعن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طاف وسعى رمل ثلاثًا ومشى أربعًا ثم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125] فصلى سجدتين وجعل المقام بينه وبين الكعبة ثم استلم الركن ثم خرج فقال: إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى انصَبّت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا» رواه مسلم، ولأحمد والنسائي معناه، قال النووي ووقع في بعض نسخ مسلم: «حتى إذا انصَبّت قدماه في بطن الوادي سعى» انتهى. وهذه الزيادة لفظ «سعى» لا بد منها وقد ذكرها الحميدي في الجمع بين الصحيحين وفي "الموطأ" وغيره وقال: عياض على الرواية الأولى سقطت لفظة: «رمل»، ولا بد منها، انتهى، وثبتت هذه في "جامع الأصول" في حديث جابر الطويل وعزاها إلى مسلم.
قوله: «يدور إزاره» أي يدور إزاره بركبته من شدة السعي. وقوله: «إن الله كتب عليكم السعي» دليل وجوبه ويدل له أيضًا حديث جابر عند مسلم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لنا: خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» وفي رواية للنسائي: «يا أيها الناس خذوا عني مناسككم» بلفظ: الأمر ولمسلم: «ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة.
قوله: «أبدأ بما بدأ الله» بصيغة الأمر عند النسائي وصححه ابن حزم والنووي في شرح مسلم ورواية مسلم بلفظ: الخبر ولأحمد ومالك والترمذي وأبو داود وغيره نبدأ بالنون.
قوله: «صعد» بكسر العين.

.[8/49] باب النهي عن التحلل بعد السعي إلا للمتمتع إذا لم يسًق الهدي وبيان متى يتوجه المتمتع إلى منى ومتى يحرم بالحج

3200 - عن عائشة قالت: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنّا من أَهلَّ بالحج ومنّا من أَهلَّ بالعمرة ومنّا من أَهلَّ بالحج والعمرة، وأَهَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج فأما من أهل بالعمرة فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة وأما من أهل بالحج أو بالحج والعمرة فلم يحلوا إلى يوم النحر».
3201 - وعن جابر: «أنه حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردًا فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمرة وقصروا ثم أقيموا حلالًا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا الحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج فقال: افعلوا ما آمركم ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا» متفق عليهما، وفي رواية لمسلم: «فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة».
3202 - وعنه قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح» رواه مسلم.
3203 - وعن معاوية قال: «قَصّرت رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص» متفق عليه، ولأحمد: «أخذت من أطراف شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام العشر بمشقص وهو محرم» وهي رواية شاذة منكرة قد أطال الكلام عليها في الهدي.
3204 - وعن ابن عمر: «أنه كان يحب إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بمنى» رواه أحمد وهو في "الموطأ" موقوفًا على ابن عمر ولأحمد في رواية: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى خمس صلوات».
3205 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم.
3206 - وأخرج ابن خزيمة والحاكم عن ابن الزبير قال: «من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر وما بعدها والفجر بمنى ثم يغدو إلى عرفة».
3207 - وعن أنس قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر يوم التروية بمنى والعصر يوم النفر بالأبطح» متفق عليه.
3208 - وفي حديث جابر قال: «لما كان يوم التروية حين توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس وأمر بقبّة من شَعَر فضُربت له بنمرة فسار النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرُحِلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» مختصر من مسلم.
قوله: «لا يحل مني حرام» بكسر الحاء من يحل أي لا يحل مني ما حرم.
قوله: «قصرت» أي أخذت، والمشقص بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح القاف بعدها صاد مهملة هو نصل عريض يرمى به الوحش وقيل هو الطويل من النصال وليس بعريض.
قوله: «يوم التروية» بفتح المثناة وسكون الراء وكسر الواو وتخفيف الياء هو اليوم الذي قبل يوم عرفة. ويوم النفر بفتح النون وسكون الفاء.
قوله: «بنمرة» بفتح النون وكسر الميم وسكونها هي موضع جنب عرفات وليست منها وقال في منحة الغفار أن نمرة من عرفة واستدل لذلك بحديث ابن عمر الآتي لقوله فيه: وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة، ونقل عن القاموس مثل ذلك والمشعر الحرام جبل بالمزدلفة والقَصْوى بفتح القاف ناقته - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: «فرحلت» بتخفيف الحاء المهملة أي جعل عليها الرحل.